ثمة حديث كثير عن المرأة وعقل المرأة،وباهى بعضهم بالإشارة الى واقع المرأة في الغرب
،وتحسرعلى وضعها في الشرق،وذهبت ببعضهم الظنون كل مذهب ،فهذا يقول إن الإسلام
خفض من شأن المرأة،وذلك ينفي هذا الاتهام بشدة ويبرئ الإسلام ،ووصل الأمر ببعض الغيارى
على تراثنا الى حد المزايدة في حرية المرأة،حتى منحها من الحريات أكثر مما خصها به الغرب.
بصراحة ،كل هذه الطروحات مقاربات حديثة لوقائع قديمة،ومعالجات تحتمل الكثير من الردود ،ذلك أنها
تبحث في المطلق،وتجيب في المطلق.
اذا ما نعتت المرأة بقلة العقل ،فذلك راجع الى مشاهدات ووقائع،فالمرأة قديماً ما كانت تتعلم، ولا كانت
تخرج الى الحياة العامة لتكتسب المعرفة من الحياة العملية .امرأة من هذا النوع،بل كل انسان من هذا النوع
لن يكون واعياً وحكيما ًوجيد التصرف.واذا ما كانت المرأة تعيش ككائن عاطفي وجنسي وتمضي وقتها
في الثرثرة مع جيرانها ،وملاحظة أن جارتها الأولى ميسورة الحال ،وجارتها الثانية تطهو كل يوم
صنفين من الطعام ،وجارتها الثالثة قوية الشخصية تسيطر على زوجها بجمالها وغنجها ودلالها.
فلا بد أنها ستكون ذات شخصية غير سوية ،وستكون تعيسة وتتعس من حولها.
أما في عصرنا الحالي ،فقد تغيرت الأحوال بالعديد من النساء ،فبتن يتعلمن ،ويحصلن الشهادات،
ويناقشن بفطنة وذكاء ،ويشغلن وظائف تحتاج الى عقل وتدبير ،فما عاد هناك فرق كبير بين هذا النوع
من النساء وبين الرجال المتعلمين.
ومع ذلك ما زلنا نلاحظ العديد من الفتيات ،يمررن في الشارعبثياب تكشف أكثر مما تستر ،ويتصرفن
كألعوبات جنسية ،ويستغللن مفاهيم الحياة المعاصرة من الحرية وحقوق الانسان في الوصول الى
أهدافهن ،وإن تطلب الأمر بعض الشجاعة وشيئاً من التضحية أو قل الحرية.
هذه النماذج لا يمكن أن تدرس من خلال مصطلح المرأة ،بل من خلال مصطلح الانسان غير السوي
والانتهازي.
عقل مختلف
إن مقارنة عقل المرأة بعقل الرجل مقارنة غير سوية،على الاطلاق.فالرجل يفكر ويتصرف بشكل محدد ،
إنه يريد العمل والمال والعائلة والمتعة والسعادة والمركز والجاه ،ويتمسك بمفاهيم الشرف والوفاء
و الإخلاص ،وإن لم يتصرف بهذا الشكل فهو يشكو من متاعب نفسية أومسائل غير سوية.
في حين أن المرأة تفكر من خلال طبيعتها الأنثوية الحرجة، ومن خلال واقعها كإنسان .فهي كائن
سريع العطب ،وعند أقل تصرف خاطئ قد ينبذها المجتمع.وهي كائن جنسي ولود، وهي أم تريد
أن تحظى بحياة جيدة لها ولأولادها .وهي معرضة على الدوام ،للإغراء والإغواء ومس الكرامة وخطر الفقر الذي يهدد كل وجودها لأنه لا ينسجم مع العائلة والأولاد وحب البروز إن لم يكن لها فلأولادها.
وفي حين يتحمل الرجل الفقر صابراًإذ قد لا يملك شيئاً في مواجهته،فإن المرأة تنظر الى هذا الفقر
بتحدٍ، وقد تذهب أو هي قادرة على الذهاب بعيداً في صراعها معه.
وبعد ،إن العائلة تحتاج الى قدر معين من المال ،حد أدنى لا تقوم بدونه.والرجل والمرأة يواجهانه كل
بما يملك،وإذا كان الرجل يمتلك النقد والسخرية من المرأة،فإن المرأة تتحكم بنظام الحب والمتعة ،
وهناء العيش ،وترد على ما تتعرض له من تهكم في أماكن أخرى ،وبأساليب متنوعة ،تنفي نفياً باتاً
ما ينسب اليها من جهل وغباء .وأخيراً لابد من القول إن عصرنا عصر الانسان القوي والقادر
وأما المرأة ،فكما كانت دائما ً كعشب الغابة لا تكسره الريح ولا تقتلعه العاصفة ،بل تمتلكه اليد الحانية
والقادرة والقديرة.