[size=
16]كَثِيْرَاً مَا سَمِعْنَا عَنْ "صُنَّاعِ القَرَار" أُوْلَئِكَ الّذِيْنَ قدّر الله لَهُم، أَنْ تَكونَ مَسْؤولِيَّةُ العالَمِ في أعناقِهم، قراراتُهم تُتّخذ فِي لحظاتٍ فَتكونَ سبباً في أن َيَظَلُّ العَالَمُ كُلُّهُ يَكْتَوِِي بِنَارِ قََرَارَِاتِهِمُ الخَاطِئَةُ !!
أو على النّقيضِ تَكونُ سبباً فِي إنهاءِ حربٍ طَويلةٍ، ظلّت تحِرقُ البشريةَ لعقودٍ من الزّمانِ.
وَ لَكِنْ مَاذَا لَوْ كَانَ "صَانِعُ القَرَارِ" هَذِهِ المَرَّةُ طِفْلاًً ؟؟
وَمَاذَا لَوْ كَانَ "القَرَارُ" الّذِي اتَّخَذَهُ فِيْ "لَحَظَاتٍ" كانَ كَأُوْلَئِكَ السَّادَةِ الكِبَارُ "صَائِبَاً" وَ "حَكِيْمَاً" حَدَّ الدَّهْشَةِ ؟!!
لَسْْنَا نَنْسُجُ قِصَّةً مِنَ الخَيَال ِ، أو نَأْتِيَ بِحَادِثَةٍ فَنُضَخِّمُها فَوْقَ مَا تُطِيْقُ ..!!
وَلَكِنَّهَا الحَقِيْقَةَُ الّتِي تَاهَتْ عَنَّا جَمِيْعَاً فَيْ زَمَنٍ أصْبَحَ فِيْهِ "تَخْرِيْجُ صُنَّاعِ القَرَارِ" صَعْبَاً صُعُوْبَةَ "تَخْرِيْجِ القَادَةِ" ..
مَبْدَأُ الرٍِّجَــــالِ لَا تُهْدِنِــي السَّمَكَةَ وَ لَكِنْ عَلِّمْنِي كَيْفَ أَصِيْــدُ ..
قَنَاعَةٌ تَشَرَّبَهَا قَلْبُ طِفْــلٍ لَا يَتَجَاوَزُ عُمْرُهُ السَّبْعَ سِنِيْنٍ ، لِتَتَحَوَّلَ القَنَاعَةُ
إلى سُلُوْكٍ فِعْلِيّ ، بَلْ وَ قَرَارٌٍ مَصِيْرِيٌّ فِيْ لَحَظَاتٍ !!
قَرارٌ مَصيريٌّ يُحَدِّدُهُ طِفْلٌ ؟؟كَانَ عُمْرُهُ آنَذَاكَ نَحْوَ سَبْعَ سِنِيْنٍ عِنْدَمَا عَرَضَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإسْلامَ،
وَمَا هِيَ إلّا سَاعَاتٍ حَتَّى جَاءَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ- فَأَعْلَنَ إسْلامَهُ
أمَامَ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- :
" أَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إلّا الله ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْل ُالله "
يا الله .. أيُّ قَرَارٍٍ هُوَ هَذَا القَرَارُ ؟؟
قَرَارٌ عَاقِلٌ مِنْ طِفْلٍ فَكانَ صَاحِبُ قَرَارٍ لِبِدَايَةَِ مَسِيْرَةٍ حَافِلَةٍ زَخِرَتْ بِتَحَمُّلِ المَسْؤُوْلِيَّةِ وَ مُجَابَهَةِ المَشَاكِلِ
حَتَّى فِيْ أَحْلَكِ الظُّرُوْف ..
إِنَّهُ قَرَارُ مُخَالَفِةِ كُلِّ النَّاسِ فِيْ سَبِيْلِ إرْضَاءِ رَبِّ النَّاس ..
مُخَالَفَةُ الأَبِ وَالأُمِّ وَالعَمِّ و الجَدِّ و الْكُلِّ وَالمُجْتَمَعِ بِأسْرِِهِ مِنْ أجْلِ شَيْءٍ اقْتَنَعَ بِهِ وَوَقَرَ فِيْ قَلْبِهِ ...
أيُّ قُوَّةٍ تِلْكَ الَّتِي تَكْمُنُ فِيْ قَلْبِ عَلِيٍّ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاه- ؟؟!!
مَشَاهِدٌ مِنْ حَيَاتِنَالََقَدْ رَأَيْنَا فِيْ مُجْتَمَعِنَا نَمُوْذَجَ الطِّفْلِ الوَاعِظِ حَقَّاً يَظْهَرُ فِيْ شَاشَاتِ التِّلفَاز ..
وَلَكِنْ لِلْأَسَف فالحَقِيْقَةُ أَنَّ المُجْتَمَعَ بِأَسْرِهِ إلَّا مَنْ رَحِمَ الله، وَصَفُوْهُ بِالتَعْقِيْدِ
وَاتَّهَمُوا أَهْلَهُ بِوَأْدِ طُفُوْلَتِهِ فِيْ مَهْدِهَا !! وَشَتَّانَ شَتَّانَِ بَيْنَ المَاضِي وَ الحَاضِر !!
الفَارِقُ فِيْ مَنْهَجِ التَّرْبِيَةِ يُعْطِي هَذَا الفَارِقُ فِيْ النَّتَائِج.
لَا نَقْصِدُ مَنْهَجَ التَّرْبِيَةِ أيْ المَنْهَجَ الإسْلامِيّ ، فَالكَثِيْرُ مِنَ الآبَاءِ اليَومَ يُرَبُّوْنَ أبْنَاءَهُمْ تَرْبِيَةً إسْلامِيَّةً صَحِيْحَةً وَيَحْرُصُوْنَ عَلَى غَرْسِ مَعَانِي الإيْمَانِ وَالأخْلاقِ فِيْ نُفُوْسِهِم .
وَلَكِنَّ القَلِيْل القَلِيْلُ مِنْهُمُ اليَوْمَ مَنْ يُرَبُّونَ أبْنَاءَهُم تَرْبِيَةَ القَادَةِ وَالكَثِيْرُ الكَثِيْرُ مِنْهُم يُرَبُّوْنَ أبْنَاءَهُم تَرْبِيَةَ العَبِيْد .. وَإلَيْكَ الشَّاهِدُ عَلَى مَا نَقُوْل ..كَانَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إذا نُوْزِعَ الفَخْرَ يَقُوْل : أنَا ابْنُ هِنْدٍ
وَلَا غرْو .. فَأُمُّهُ هِيَ تِلْكَ الّتِي غَرَسَتْ فِيْهِ رُوْحَ السِّيَادَةِ وَ عُلُوَّ الهِمَّةِ مُنْذً نُعُوْمَةِ أظْفَارِه ..
قِيْلَ لَهَا يَوْمَاً وَ مُعَاوِيَةَ وَلِيْدٌ بَيْنَ يَدَيْهَا : إنْ عَاشَ مُعَاوِيَةُ سَادَ قَوْمَهُ ،
فَقَالَتْ هِنْدُ فِيْ إصْرَارٍ : ثَكِلْتُهُ إنْ لَمْ يَسُدْ إلّا قَوْمَه .
لِيَكُوْنَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أوَّلَ مُلُوْكَِ الإسْلامِ ..
أمَا آنَ لَك أنْتَ أيْضَــًا أنْ تَبُثَّهَــا فِيْ أُذُنِ طِفْلِكَ الصَّغِيْرِ بِإِصْرَارِ المُرَبِِّّي الكَبِيْر:
ثَكِلْـتـُهُ إنْ لَــمْ يُحَرِّرِ المَسْجِدَ الأقْصَـــى
ثَكِلْـتـُهُ إنْ لَــمْ يَنْشُرِ التَّوْحِـــــيْدَ فِيْ رُبُوْعِ العَالَم
ثَكِلْـتـُهُ ...وَ ثَكِلْـتـُهُ....وَ ثَكِلْـتـُهُ
وَفِيْ الخِتَام: هِيَ دَعْوَةٌ لِأنْ نَسْأَلَ أنْفُسَنَا
هَلْ يَسْتَطِيْعُ طِفْلِي أنْ يَأْخُذَ قَرَارَهُ بِنَفْسِه ؟؟؟
إنَّهُ السُّؤالُ الأمِّ لِأسْئِلَةٍ كَثِيْرَةٍ تُؤَدِِّّي إلَيْه
لَا تَقُلْ مَا دَخْلُ هَذِهِ الأسْئِلَةََ فِيْ صُنْعِ القَرَار ؟؟
فـَ "القَرَارًُ" الصَّغِيْرُ البَسِيْطُ اليَوْم ، تَمْهِيْدٌٌ لِقَرَارِ الغَدِ الكَبِيْرِ المُهِمّ ..
وَلَسْنَا بِهَذَا نُحَرِِّضُ لِإسْتِقْلالِ الطَّفْلِ عَنْ وَالِدَيْهِ إسْتِقْلَالَاً يُوْقِعُهُ فِيْ بَرَاثِنِ الحَيَاةِ قَبْلَ النُّضْجِ ، أو يَجْعَلَهُ يَأْنَفُ مِنْ نُصْحِ وَالِدَيْهِ لَهُ ، وَلَكِنَّنَا نَسْعَى إلى أنْ نُهَيِّىءَ البِيْئَةَ المُنَاسِبَةَ تَحْتَ سَمْعِ الوَالِدَيْنِ وَنَظَرِهِمْ لِصُُنْعِ أطْفَالٍ قَادِرِيْنَ عَلَى صُنْعِ قَرَارَاتِ الغَدِ بِأنْفُسِهِم إذْ هُمْ رِجَالُ المُسْتَقْبَلِ وَ بَانُوْه ..
وَلِلتَّذْكِرَةِ إنَهَا خُطْوَةٌ صَغِيْرَةٌ .. بَسِيْطَةٌ ٌ..
لَكِنَّهَا فِيْ مَقَايِيْسِِ الكِبَارِ "وَثْبَةٌٌٌ" نَحْوَ تَخْرِيْجِ أجْيَالٍٍ قَادِرَةٍ عَلَى صُنْعِ القَرَار ..
طَرِيْقِ الألْفِ مِيْل يَبْدَأ بِخُطْوَة .. فَهَلُمَّ إلَيْهَا ..[/size]