ثمة اسلوب عربي حميد وحضاري يتمثل في تحلية النثر بالشعر .فالشعرلغة الاحساس
والخاطرة والحكمة.وقراءته تبعث في النفس نغما وبعدا ثقافيا موشىبالجمال . ونكاد لا نعثر في كتب التراث على كتاب تراثي يخلو من هذا الأسلوب .فلا يورد أبياتاً شعرية مميزة في صفحاته مهما كان موضوعه.ففي كتاب معجم البلدان ،وهو يعنى بذكر المواضع والأمكنة
نجد سجلا رائعا للشعر العربي فقد جاء فيه مثلا:
وأيقنت أن الجود منه سجية وما عيشا ً مثلَ عيشك بالكرم ِ
و جاء فيه أيضا ً
ألهى جهولا أمله يموت من جا أجله
ومن دنا من حتفه لم تغن عنه حيله
وكيف يبقى آخراً من مات عنه أوله
والمرء لا يصحبه في القبر إلا عمله
وفي كتاب آخر هو كتاب قصص الأنبياء لابن كثير العديد من الأبيات الشعرية المميزة والنقية .مثلا: ألا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يمنحنا غماما
فيسقي الله أرض عاد إن عادا قد أمسوا لا يبينون الكلاما
وجاء فيه أيضا : وبالبيت حق البيت من بطن مكة وبالله إن الله ليس بغافل
وأيضا:ذريني أجوب الأرض في طلب الغنى فما الكرج الدنيا ولا الناس قاسم ُ
وقال :نحن جلبنا الخيل من مرادها
من جانب السقيا الى نضادها
فصبحت كلبا ًعلى أجدادها
هذا الأسلوب رقق الذوق إذ صار الشعراء يجهدون أنفسهم في نظم الشعر الجيد كي
يستشهد به ويتداول.
ولا أدري لماذا اختفى هذا الأسلوب ؟وكيف يستغنى عن أسلوب حضاري راق ٍ
ولو كان الكتّاب يحرصون على إيراد بعض الشعرفي ثنايا نصوصهم فهل كان الشعر يعاني الأزمة التي يعانيها اليوم؟وهل انحسار الاهتمام بالشعروالاستشهاد به في النصوص مؤشر حضاري ودليل تطور؟