سندرا عضو مهم
عدد الرسائل : 251 العمر : 39
| موضوع: سوق الحميدية.. بوابة الشام قبلة السائحين السبت مايو 24, 2008 11:52 am | |
| سوق الحميدية.. بوابة الشام قبلة السائحين
دمشق - عماد سارة الزائر لمدينة دمشق يقصد مباشرة أشهر أسواقها القديمة.. إنه سوق الحميدية الذي يعتبر أحد أهم المقاصد السياحية إضافة إلى (المتحف الوطني ثقافيا، والجامع الأموي روحيا، وسوق الحميدية اقتصاديا) ويعتبر السوق العصب الاقتصادي لسورية حيث يقدر حجم تعاملاته التجارية بنحو ثلاثة مليارات دولار والمتجول في هذا السوق يشعر أنه أمام لوحة إبداعية جمالية فيها كل القيم التشكيلية وكل عناصر التشويق والإثارة.. وقبل الغوص في لجة البحث بسوق الحميدية الذي يشبه امتطاء فرس جموح لابد لنا من إعطاء فكرة سريعة عن تجاره وطرقهم في تسويق بضائعهم. التاجر الدمشقي وجد التاجر الدمشقي منذ أن بنيت دمشق وهو لم يتغير رغم تغير المظاهر الخارجية فيه وحوله، ورغم تبدل الأطر الحضارية في كل زمان ومكان، ويتميز هذا التاجر بلباقته التجارية وحسن تعامله مع الزبائن لدرجة إقناعهم بجودة سلعه ورخص ثمنها كما يتمتع بقدرة رهيبة على الأخذ والرد دون ملل أو كلل، ومن طرائف تجار سوق الحميدية أو أ حد فروعه هو امتلاك التاجر لعدة محال صغيرة بجانب بعضها البعض وجميعها يبيع نفس البضاعة ولكن بأسعار مختلفة فإذا سألت عن سعر السلعة يقول لك بأنها أرخص وأفضل السلع الموجودة في السوق وإذا لم تصدق اسأل المحلات المجاورة وبالفعل تجد نفس السلعة ولكن بأسعار مرتفعة فتقع فريسة هذا التاجر الذي يطلق عليه أهل الشام لقب (البند وق) لذكائه التجاري الفطري. ويقول محمود الأشقر (تاجر شرقيات): المفاصلة عادة موجودة لدى تجار الحميدية بدون استثناء.. الأسعار لدينا غير محدودة ويمكن رفعها وخفضها حسب الزبون وشطارته، والجميع يدخل المحل وفي ذهنه المفاصلة "لو قلت للزبون السعر الحقيقي للسلعة سوف يفاصلني ولذلك نرفع السعر تاركين مجالات للمفاصلة" وعادة ما تكون المرأة أكثر قدرة على المفاصلة من الرجل ومع ذلك يحصل التاجر عما يريده مهما كان الزبون شاطرا في المفاصلة. كما تجد في أسواق دمشق القديمة باعة يرددون نفس العبارة كل 30ثانية لدرجة تشعر معها بأنك تستمع لشريط كاسيت وهي طريقة من طرق الباعة لجذب الزبائن فالسامع لهذه العبارات يقف مستغربا من أين الصوت وكيف يستطيع البائع توقيت زمن خروج العبارة من فمه كل 30ثانية مع قدرته بنفس الوقت على التحدث مع الزبائن. ويقول التاجر محمد ياسين أحد أصحاب محلات الألبسة في سوق الحميدية إن التجارة في السوق بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة بسبب انتشار الأسواق الحديثة في كل أنحاء دمشق ومعها تحول سوق الحميدية إلى سوق العجائز التي ترغب التفصيل وليس بالجاهز او التي تبحث عن موديلات معينة "كل امرأة عجوز تريد أن تفصل ألبسة جاهزة تأتي لسوق الحميدية" كما يأتي للسوق العجائز اللاتي أجسامهن عريضة أو ناصحة أما الصبايا فلا نراهن في السوق إلا نادرا فهن يبحثن عن السبورات والألبسة الأجنبية. أما الشيخ محمد الذي يمتهن صناعة القباقيب منذ أكثر من 60عاما والتي ورثها عن جده يقول بان محله لن يكون له وجود خلال السنوات القادمة لأن بضاعته لم تعد مطلوبة سوى من بعض الأشخاص الذين يعملون في الحمامات القديمة وقال إن مهنته تتطلب جهدا كبيرا ففي البداية يتم قطع شجر الصفصاف من منطقة الغوطة وتجفيفها لمدة عام ثم يتم تقطيع الشجرة إلى مقاطع صغيرة ومن ثم تفصيل القباقيب. يعتبر سوق الحميدية والأسواق المتفرعة عنه أكبر مجمع تجاري في المنطقة لاحتوائه على مختلف أنواع البضائع وهو بمثابة المعين الذي تستقي منه أسواق سورية بضائعها حيث يحتوي السوق على كافة الأقمشة الحريرية والأجواخ والمطرزات وأدوات الزينة والملبوسات والأحذية والأدوات المنزلية والتحف والمصنوعات الشرقية والنحاسية وفيه أكبر صالونات لبيع البوظة العربية في سوريا بل في المنطقة العربية والتي تشتهر بصوت مدقاتها الخشبية التي تعجن البوظة، كما يجد الزائر محلات لبيع الحلويات فضلا عما يبيعه الباعة المتجولون... وفي نهاية سوق الحميدية بجانب أعمدة جوبيتر يجد الزائر سوقا صغيرا تباع فيه الكتب بأنواعها الجديدة والقديمة، وتغلب على هذه الكتب الصفة الدينية اضافة لكتب تملك عناوين غريبة مثل (الكباريت في إخراج العفار يت، اللؤلؤ والمرجان في تسخير ملوك الجان، الجواهر اللماعة في استحضار ملوك الجن في الوقت والساعة.. الخ). وتقول فاتنة دلي من الأردن بأنها كلما تأتي إلى دمشق تزور سوق الحميدية لاحتوائه على مختلف أنواع البضائع وبأسعار الجملة، ولاحظت تغيرا كبيراً فيه من حيث النظافة والترتيب وقالت "أتمنى أن يحتوي على سبورات وماركات مشهورة". وسائط النقل في سوق الحميدية خلافا لظهر الإنسان وأكتافه ورأسه، ومن بعد الحيوانات كالدواب والحمير وغير هما كانت (الطنابر والكراجات) من وسائط النقل الأكثر انتشارا في سوق الحميدية، وحديثاً ظهرت وسائط نقل جديدة يطلق عليها الطرطيرات وهي تسمية شعبية تعني الشاحنات الصغيرة ذات العجلات الثلاث، أضافة لوجود شاحنات صغيرة مثل الهوندا والسوزوكي. ومن العادات الطريفة التي انتشرت في سوق الحميدية بدمشق كتابة العبارات الغريبة على مؤخرة السيارات العامة خصوصاً الطرطيرات والطنابر والشاحنات الصغيرة ومن هذه العبارات الطريفة (لا تلحقني مخطوبة، اتركني الطفر عامي قلبي، على هالدوسه هتلك بوسه، يلعن هللي باعك عللي أشتراك، لا تزمر وراي شايفك على المراي، الله معك أبوسعيد ... الخ). سوق الحميدية يقع سوق الحميدية في وسط مدينة دمشق بالقرب من الجامع الأموي وبجانب قلعة دمشق وهو أكبر أسواقها طوله حوالي (600م) وعرضه بحدود (15م) أما ارتفاعه فبحدود ( أمتار، والداخل إليه يشعر وكأنه في أول نفق مظلم تخترق سقفه الملئ بالثقوب أشعة الشمس كأعمدة نورانية تتلألئ فيها ذرات الغبار كا لماسات الصغيرة فتضيء ظلمته الموحشة، محركة بتلألئها فضول زائره فيغوص بنظره بالأفق باحثا عن سر هذا السوق ويبدأ بالتنقل بعينين قلقتين حذر تين من أن يفوتهما شيء ما فعين على المحلات التجارية الموزعة على جانبي السوق وسلعها المعلقة كحبال مدلاة وأخرى على الباعة المنتشرين في كل مكان إلى أن يصل لنهايته فتبدو أمامه أعمدة ضخمة وكأنها بداية لعام جديد وبمجرد وصوله إليها يشعر وكأنه عبر إلى تاريخ آخر تاريخ موغل في القدم حيث تتجسد أمامه الحضارة الرومانية من خلال أعمدة معبد جوبيتر، كما تتجسد أمامه الحضارة الإسلامية من خلال أحجار ومآذن الجامع الأموي الكبير الذي يتربع على مساحة واسعة من الجهة الشرقية
لسوق الحميدية. | |
|