أفادت دراسة أجراها خبراء من مدرسة لندن للصحة وطب أمراض المناطق الاستوائية بأن الأشخاص البدناء يساهمون في مفاقمة أزمة الاقتصاد العالمية وظاهرة تغير المناخ، إذ أنهم يستهلكون كمية من السعرات الحرارية تزيد بنسبة 18 بالمائة على المعدل الطبيعي لاستهلاك الفرد العادي.
تقول الدراسة إن البدناء مسؤلين عن استخدام كميات أكثر من الوقود، الأمر الذي يترك أثرا على البيئة ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، لطالما أن قطاعي المواصلات والزراعة يعتمدان على استخدام الوقود النفطي.
انبعاث الغازات
وتضيف أن الفقراء بالنتيجة يصارعون من أجل الحصول على الغذاء في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة انبعاثات الغازات، في ما بات يُعرف بظاهرة الاحتباس الحراري.
ويتزامن نشر الدراسة مع صدور تنبوءات لمنظمة الصحة العالمية بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة في العالم سيرتفع إلى أكثر من الضعف في غضون سبع سنوات ليصل الرقم إلى 700 مليون نسمة بحلول عام 2015.
يقول "فيل إدواردز" باحث بريطاني:"إن من شأن السياسات المتعلقة بالمواصلات، في المدن، والتي تروج للمشي وركوب الدراجات، أن تؤدي إلى خفض الأسعار من خلال إنقاص الطلب الدولي على النفط وترويج فكرة المحافظة على الوزن الطبيعي".
يُذكر أن حوالي ربع الأشخاص البالغين في بريطانيا يُصنفون على أنهم بدناء، وهذه النسبة تشكل ضعف النسبة المسجلة في هذا المجال في ثمانينيات القرن الماضي.
وقد وجد فريق الباحثين المذكور أن الشخص السمين يتطلب 1680 سعرة حرارية يوميا للإبقاء على المعدل الطبيعي للطاقة لديه، بالإضافة إلى 1280 سعرة أخرى لتمكينه من ممارسة أنشطتة اليومية، وهذا أعلى بحوالي الخمس من المعدل الطبيعي عند الفرد العادي.
زيادة الطلب
ويقول الباحثون إن استهلاك الغذاء بمعدلات أعلى يؤدي إلى نتيجة مضاعفة تتمثل أولا بزيادة الطلب على الغذاء، وثانيا بزيادة إنتاج المواد الغذائية.
ويعني هذا أن العمليات الزراعية تستهلك المزيد من النفط لتلبية الطلب، الأمر الذي يساهم بزيادة سعر الوقود. وهذا ينعكس بدوره زيادة في كلفة إنتاج الغذاء، وبالتالي جعل عملية الحصول عليه أمرا عسيرا على الأشخاص في المناطق الأكثر فقرا.
والأكثر من ذلك، يضيف الباحثون، أنه من المحتمل أن يعتمد البدناء على المواصلات بشكل أكبر، الأمر الذي يزيد الضغط على وسائل المواصلات بسبب حجوم هؤلاء الأشخاص البدناء، وبالتالي ينجم عن ذلك ارتفاع إضافي بالأسعار وزيادة في استخدام وسائل التنقل.
حل في الأفق
إلا أن الباحثين رأوا أن ثمة حل يلوح في الأفق لهذه المعضلة، إذ يقول فيل إدواردز، وهو أحد المشاركين في البحث الجديد: "إن من شأن السياسات المتعلقة بالمواصلات في المدن، والتي تروج للمشي وركوب الدراجات، أن تؤدي إلى خفض الأسعار من خلال إنقاص الطلب الدولي على النفط وترويج فكرة المحافظة على الوزن الطبيعي."
ويضيف: "إن استخدام السيارة بشكل أقل يؤدي إلى انخفاض انبعاث الغازات. كما أنه لا يجوز إغفال قضايا من قبيل سياسة المواصلات والغذاء وأهمية وسائل النقل القابلة للبقاء والاستمرار."
لكن الدكتور ديفيد هسلام، من المنتدى الوطني للسمنة، يقول إن الدراسة "قد بالغت بالأمر قليلا" من أجل إلقاء اللوم على البدناء، مثلما جرى عليه الأمر.
وأضاف الدكتور هسلام قائلا: "حقا إن مثل هذا الأمر يُعتبر تفرقة ضد البدناء، فهم أضحوا هدفا سهلا في هذه الآونة. إلا أنني أعتقد أن سبب التغير المناخي وارتفاع أسعار المواد الغذائية هو أمر أكثر تعقيدا من ذلك."