في كل يوم يتجدد الموقف العربي الضعيف سوءً وهو العاجز عن تقديم أي مبادرات أو ردود فعل قوية لإسرائيل تعيد للعرب كرامتهم المفقودة ودورهم في تحديد وجهة الصراع وتحقيق مكتسبات تفيد الشعب الغزي الجريح ، وكل ما نشاهده يومياً من أحداث متناقضة تشتت ذهن المتلقي لها فمرة تحبطه ومرة تجعله متفائلاً . إن كل قطرة دم غزية سقطت من طفل أو امرأة تعادل كل دماء اليهود بل هي أطهر وأنقى ، وهذا التخبط في آلة الحرب العسكرية وعجزها عن تحقيق أهدافها من الحرب لهو دليل على أن النصر للفلسطينيين وللغزيين .
ففي الوقت الذي نشاهد فيه صمت غربي من القيادات السياسية على ما يحدث في غزة: فأوباما حلم العرب أو المنقذ لأحلامهم لم يبادر إلى تصريح يدين الحرب على غزة كرامة لبوش ، وتجتمع دول الاتحاد الخليجي لتجدد دعمها لأهالي قطاع غزة ، وفي الوقت الذي مازالت رمز العروبة الشقية مصر تصر على إغلاق الحدود مع القطاع لدرجة أنها لا تسمح بدخول الأطباء وإدخال المساعدات الغذائية وإن سمحت فيكون ذلك بكميات قليلة ويجب نقلها من شاحنة لأخرى تستنزف الوقت والمال ، والشاحنات الأخرى فسدت وهي تنتظر الدخول ، في الوقت الذي تظهر دعمها للغزاويين من خلال الزيارات المكوكية لعمون جلعاد ومبادراته السخيفة ، وقبل ذلك دعمتهم من خلال تصريحات وتهديدات ليفني بقتل أبناء غزة من وسط القاهرة ، وتشديدها للرقابة على الحدود المصرية منعاً لتهريب الأسلحة إلى داخل غزة .
على الجانب الآخر نشاهد تجدد الدعوة لعقد قمة في الكويت ، وواحدة عقدت في الرياض ، وأخرى تعقد في الدوحة دون أن يكون هناك أي توجه عربي فعلي لوقف أو منع هذا العدوان وأن التصريحات العربية مازالت خجولة لدرجة أن مباراة كرم قدم في مسقط قد تطغى على ما يحدث في غزة ، ونشاهد خطابات الزعماء التي ما زالت تعتمد على التسويف والتنظير والمماطلة وكأننا في حلقة درس ، دون أن يرافق ذلك اتخاذ موقف عربي قوي يعيد الأمل للشعب العربي ويرفع من عزمه وهمته . كما يظهر للعيان تجدد الانقسام العربي العربي خاصة تلك الدول التي لم تحضر للدوحة ، وظهور خالد مشعل ضمن حضور القمة وهو ما يحتاج إلى الوقوف والتفكر به قليلاً .
أما موقف الجامعة العربية فهي جامعة بلا دول وكأن القضية تخص السنغال ، وعادتها في كل مرة الاستنكار والشجب والتصريحات الفارغة ، فماذا نتوقع من موقف عربي قد يصدر عن اتحاد عربي تحتضنه دولة مصر ، وهو ما يؤكد على علاقة التبعية بين رئاسة الجامعة العربية والقيادة السياسية في مصر ، ولذلك ربما نجدد من هذا المنبر أن نقل إدارة الجامعة العربية إلى دولة أخرى أكثر اهتماماً بقضايا وتطلعات ومصالح العرب .
أما وطني وعشقي الأردن فهو موئل كل العرب فنلاحظ أنه وحيداً في خط المواجهة الأول كعادته دائماً وهو الذي يقدم كل شيء لإخوانه في غزة دون أن ينتظر إي مقابل فهذه هي أخلاقه الإسلامية الهاشمية ، والحلول التي قد تقدم والطروحات التي يروج لها بعض المنظرين قد تكون على حساب مصالحه ، وأبشرهم بأن الأردن عصي على كل طامع فهو ليس مكان للتسوق أو للسياحة أو لقضاء الإجازة السنوية ، أو لتنفيذ مشاريع سياحية أو سكنية ولكنه ببساطة هو قصة تاريخ وحاضر ومستقبل لن تثنيه المخططات أو المؤامرات عن القيام بواجباته .
من هنا فإن التقارب الجغرافي والديموغرافي بين الأردن وسوريا يستدعي إعادة النظر في شكل وتكوين وأسلوب إدارة هذه العلاقة ، لتحقيق مصلحتنا الوطنية أكثر من اعتبارات إرضاءً الأطراف أو المصالح الأخرى.