"فتح" واللعب على وتر الشهداء والأسرى

عدد الرسائل : 3 العمر : 49


"فتح" واللعب على وتر الشهداء والأسرى
	رزق الغرابلي


ذهبت حركة "فتح" بعيدا في تعاميها عن الحق وتجافيها عن الصواب.. وبلغ حد إيثارها مراضاة العدو على مصلحة شعبها مبلغا كبيرا لا يحدد بحدود ولا توقفه السدود، وإن حركة "فتح" التي انطلقت عام 1964 انطلاقة حرة شريفة ما عادت موجودة، بعد أن سيطر على مقاليد أمورها رجال من صنع أمريكا وأوروبا، وبعد أن تسلط على مفاصل المال والإدارة فيها رجال تشبثوا بالدنيا، ونسوا الله والدار الآخرة.. إن أكثر ما يميز حركة "فتح" في هذه الحقبة من الزمن، علانية معاداتها للإسلام ولأي مشروع إسلامي قد يقوم في هذه البلاد، ويبدو ذلك جليا لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، من خلال تصريحات قادتها والناطقين باسمها، والذين باتوا عراة من كل معاني الأدب والأخلاق الحميدة والوطنية الشريفة. حين تمنع حركة "حماس" أو حكومتها في غزة مهرجانا لحركة فتح، لا أعتقد أنها تكون قد أخطأت في ذلك، مهما كانت الذكرى المصاحبة لهذا المهرجان، أكانت وفاة زعيم لها أو انطلاق لثورتها أو غير ذلك، فقد علم الناس أجمعون ما تهدف إليه هذه المهرجانات من تحشيد الجماهير لتعبئتهم بكلمات مسمومة، لا تقدح في "حماس"، بل تقدح في منهج الإسلام، وتشوه صورة الوطن العزيز "فلسطين"، وترسم صورة قاتمة سوداء للعلاقات الداخلية، وترمي بقلوب الناس إلى اليأس من كل قيادة فلسطينية ومن كل عرس وطني. ليس مستهجنا يا "فتح" أن تُمنعي من عقد مهرجان لك في غزة، وأنتم تعرفون حقيقة أنفسكم، وتدركون ما خربتم خلال المهرجانات السالفة، وإن عقلاءكم لعلى يقين أن مناسباتكم باتت تتحول إلى ما يشبه الحفل الراقص، أو مسيرة فوضى خلاقة، لا تعتريها وطنية ولا يشوبها تنظيم، فلماذا بعد هذا تصرون على اتهام "حماس" بأنها تعطل مهرجاناتكم أو أنها تمنعكم من تنظيمها؟ ولماذا بعد هذا تألبون الرأي العام على حركة وحكومة جل همها مصلحة الناس وصيانة دم الجماهير؟ مؤخرا، يبدو أن "فتح" فهمت المسألة، وعزمت على عدم تنظيم مهرجان لانطلاقتها في الأيام القادمة، وأدركت أن الحكومة الفلسطينية لن تسمح بتكرار مسلسل الفوضى والفلتان من جديد، كما استوعبت أن أي مهرجان من هذا النوع سيوضح مدى انفضاض الناس عن هذه الحركة بعد فساد قيادتها وتشرذم قاعدتها والغبش الذي اعترى أهدافها ووسائلها. ولكن، ورغم هذا الفهم والإدراك والاستيعاب، إلا أن "فتح" ما زالت تؤمن أن عدوها الأول "حماس"، ولا زالت تؤمن أن كل مقدراتها لا بد أن تسخر من أجل تشويه هذا "العدو" وفض الناس عنه، والعمل بكل الإمكانات المتوفرة على تأليب الناس عليه تمهيدا للانقلاب عليه أو الانتفاض في وجهه. حركة "فتح" وقياداتها في مقدمتها، عملوا ما بوسعهم من أجل تحقيق هذا الهدف، واستعملت من أجل ذلك وسائل لا يمكن أن توصف إلا بالقذرة والمشبوهة، ولا زالت الحملة مستمرة، وإن ما دعاني لكتابة هذا المقال، ما قرأته عبر وسائل الإعلام من أن حركة "فتح" لا تنوي تنظيم مهرجان انطلاقة لها في غزة لهذا العام، ولكنها ستقتصر -احتفاء بانطلاقتها- على تنظيم سلسلة زيارات للشهداء والأسرى والجرحى، ما يعني: البدء باللعب على وتر جديد إنساني عاطفي، يشد الحواس، ويحرك الأشجان لدى الناس، ألا وهو وتر الشهداء والأسرى والجرحى الميامين. وإني على ثقة بأن حركة "فتح" قد أعدت البيانات اللازمة لتلك المرحلة، وجهزت العبارات الببغائية التي ستقال على لسان الناطقين باسمها في تلك الأيام، وأنهت إعداد خطة تلعب من خلالها على هذا الوتر الحساس، وتحصل على نقطة جديدة في معركتها ضد منهج الإسلام. سيأتي موعد الانطلاقة، ومع الانطلاقة ستنطلق البيانات القادحة المعدة مسبقا ضد "حماس" وحكومتها "وميليشياتها" و"عصاباتها" التي ستتهم بأنها منعت كوادر الحركة من تنظيم هذه الزيارات، واعتقلت كلاً من كان ينظم زيارة، وأنها ألقت بالحلوى التي عزمت الحركة على توزيعها في "القمامة" أو أنها صادرتها ووزعتها على أبنائها.. وإني أرى أن هذه الخطة متشعبة الأوراق، محددة الأهداف، سيتم تنفيذها، وأكتفي بالقول: لن تنجحوا، ولن تمروا .. وإن غداً لناظره قريب.. ولتعلمن نبأه بعد حين..