إن الحصار ونزيف الدم الحالي من الشهداء لقطاع غزة لم تشهده الأراضي الفلسطينية من قبل، ولقد طال هذا الحصار كلّ شيء حتى الحجر والشجر، بل حتى الأسماك حيل بينها وبين مسلم في غزة لتكون له قوتًا أو تحول بينه وبين الموتى جوعًا.
ووالله وبالله وتالله، لو حدث ربع أو عشر ما يحدث في غزة في أي مكان أو دولة في العالم يقطنها غير المسلمين لاعتبرت هذه الدولة وذلك المكان منطقة ودولة منكوبة تغاث من كل العالم وتمدّ بكافة الاحتياجات الإنسانية، ولا أدري والله كيف يحكم على مليون ونصف مليون مواطن في غزة بالإعدام ولا يحرك العالم ساكنا! أين العدل؟! وأين الإنصاف؟! أين هيئات حقوق الإنسان؟! أين مجلس أمنهم؟! وأين هيئة أممهم؟! بل أين أنتم أيها المسلمون؟!
يا أيها الناس من مختلف الأديان على وجه هذه الأرض إني أناشدكم باسم الإيمان الذي يجمعنا ولا يفرقنا وأدعوكم وأستصرخكم بأخلاقكم الأصيلة التي تأبى الظلم والضيم أن تقدّموا ما تجود به أنفسكم لإخوانكم في غزة المحاصرة.
تذكروا وأنتم تنعمون وتمروحون بين أهاليكم وأموالكم، تذكروا بكاء اليتامى وصراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيامي .
أما أنتم أيها المسلمون، سينقشع الحصار طال أو قصر عن غزة، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل سيخلدنا التاريخ وتذكرنا الأجيال القادمة مع الشرفاء أم مع غيرهم؟! هل ستبقي أسماؤنا وآثارنا خالدة كما خلّد التاريخ أسماء الخمسة الذي نقضوا صحيفة الحصار عن نبيكم ؟! فإن هيّج ذلك المروءة في نفوسكم فاعلموا بالأحرى ومن باب أولى أنه ليس من عذر لأحد اليوم يرى حرماته ومقدساته تنتهك ويرى أطفالاً يقتلون ونساءً يرملون وشيوخًا يعتقلون ثم لا ينتصر لإخوانه ولا يحزن لمصابهم ولو بالدعاء, فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، فقدموا ـ عباد الله ـ لأنفسكم معذرة عند ربكم .
و تذكروا أننا جسد واحد وإن فرَّقَتنا الحدود وحالت بيننا وبينهم السدود.
يا مسلمون،
من أين يهنؤنـا عيـش وعافيـة وفي فلسطيـن آلام تعـاينهـا
و الله لو كان فينا مثـل معتصـم لعبأ الجيـش يرعاه ويَحميهـا
ولو رآنـا صلاح الديـن في خور لَجرد السيف يفري من يعاديها
بشراك يا أيهـا الأقصـى بموعدة قد قـالها المصطفى والله مجريها
لـن تستمر يهـود في غوايتهـا وسوف يَجتث قاصيها ودانيها